الجمعة، 16 سبتمبر 2011

أمنيات على الرمال




في  صحراء بعيدة أقف وحيدة

أهيم على وجهي في مملكة بلا حاكم

وقدماي تغوصان في الرمل الناعم

الشمس هنالك في السماء تسبح بكل كبرياء

تطل من فوق الرؤوس بعنجهية و عبوس

تنظر لآثار أشعتها الحارقة تهطل وتسيح على جبهتي

أمسح ندى الشمس بخرقة أحملها مع عدّتي

وأزيح العرق من فوق جفناي حتى أرى

أرى وأطيل النظر كمن يتمعن في أمر

أنظر جيدا فأستفيق لاكتشف صدق ما أراه

في الأفق هناك تمشي أمنياتي

أراها تبتعد ويتقلّص حجمها رويداً رويداً

على بعدٍ شاسع أُلوّح لها ، أناديها :

لا تذهبي

انتظريني، إنني قادمة


ولكن الصمت كان لي عقاباً

أرفع صوتي وأهتف بأعلى ماتستطيعه حنجرتي،

لربما لم تسمعني

ولكن الصدى كان لي جواباً


أراها من مسافةٍ بعيدة ، أرى حلمي يبتعد عني

ما العمل وما الحيلة؟ 
فلا صوتٌ ينفع ولا نداء

فكيف السبيل إذاً؟

أتذكّر أنني أحمل معي منظاراً مكبراً

يالَحظّي !!

ألصق المنظار على وجهي وأنظر داخله



فأراك يا   هذا مع أمنياتي تبتعد

تحملها في كيسٍ خيالي وتمشي مترنحا من ثقل ما تحمل

ولست لي بمجيب

والشمس مالت للمغيب

وأنت تتضاءل مع أمنياتي 

وتتلاشى، 

شيئاً فشيئاً

وأنا قابعة هنا في مكاني ، أراك تذهب أمام ناظري ، وأنا بلا فعلٍ ولا حراك



انتظر !!

أرجوك لا تصبح سراباً و تأخذك الرمال

هاأنذا آتية

إني أشدّ إليك الرحال


لا ترحل فتسدل عليك السماء ستائرها

لا ترحل وتسحبك الرمال وتذوب في سرائرها



ها أنذا أمشي ،

أُسْرِع في خطاي ،

أُهروِل و تتسارع أنفاسي

تتباعد قدماي 

و يتسع مدى خطواتي

أعدو جارية طائرة

لا تكاد أصابعي تطأ الأرض حتى ترتفع عنها



أراك وقد اقتربت صورتك ، و اتضح حجم الكيس وكبرَت أمنياتي داخله ،

تلك الأماني التي رسمتها في ذهني

و طلبت أن يحققها ربي

إني إليك أقترب ، أوَ هذا أنت الذي يقترب؟



لم تسمعني عندما هتفت لك

ولم ترَني عندما لوّحت لك

فقد كانت مسافاتنا بعيدة

ولم تعِ ما كنتُ أفعل أو أقول



أما الآن فإنك على بعد خطوات

عندما قررت أن أتبعك ، آتي إليك ، أسابق خطواتي وأسبق الريح

لقد أتعبك حمل الكيس وأثقلت محتوياته كاهلك طوال رحلة المسير


وقد بدأت أسمع صوت آهاتك، أنفاسك ، ودقات قلبك

ولكنني أتيتك لأخفف عنك حملك و أشاركك تلك الأمنيات

أمنيات ، أنت بطلها الأوحد

إني الآن أناظر أمامي فلا أرى إلا أنت

أراك حلما يتشكّل ليصبح واقعاً،

واقعاً سأعيشه معك ،

أما وقد وصلت لك

فإني لا أراك حلما

إنما واقعا جميلاً



أما وقد عرفت قدر حبي لك

فإن حبي ليس بحلمٍ

إنه حقيقة وددتُ أن يتحقق لها الحلم

بذلت لها الأسباب و سابقَتْ فيها نفسي قدماي



و هاهي حقيقة حبي قد نقشت أثر هذا الحلم في كل خطوة خطوتها نحوك

نقشته و خطّته على الثرى



***


أصحو

من حلمي


 وأفتح عيناي وأناظر حولي أبحث في ظلمة الليل لأتأكد

فأجِدُ طيفك في إحدى الزوايا

ينظر الطيف إليّ ويبتسم دون كلام أو همس،

أفهمُ بسمتك التي تقول: ارجعي للنوم فأنا هنا مُنتظر

فيطمئن فؤادي وأرُدّ عليك ببسمة خجولة ،

 و أتدثر بغطائي و أعاود النوم لأرسم المزيد من الأماني
***

الجمعة، 9 سبتمبر 2011

شهـــيدُ الـــعِزِّ


أيا صوتاً تغنّى من الورىٰ
أيا عزّاً تجلّى عن هوى
هوى الإله الذي لا يسبقه هوى
فيا عزماً اندفع للسما
لأجل الكرامة والعزة والعُلا
صاغ أبياتاً تمخضّت عن ألمٍ
خطّها بقلبٍ عرَف الإله واتّقى
فهاج غضباً لما سمع و رأى
وصدح بصوته و شدَا
لأرواحِ أبطالٍ استبانوا الحق
فسلكوا به طريقاً فاستوى
لطفلٍ شهيدٍ كان قد سعى
وراء حلم الكبار فما ردى
فثار معهم وحقق المنى
ركب الريح ونزع الخوف وارتدى
لباس القوة والكرامة والتّقى
ليعلو صوت الحق كما أراد رب العُلى
فوق من ذبح فنبح ثم عوى
فركب فوقهم وامتطى
خيول وأناس فأصبحوا سوا
فهاج فماج فيهم فانكوى
بسعير الثورة وغضب السما
أي ربّ زلزل تحته الثرى
وخذه أخذاً يليق بجلالك و كُبّهُ
بنار جهنم يصلاها فيشقى
لا يذوق فيها نعيماً ولا يهنىٰ


أمّـتي أمّـتي



الخميس، 8 سبتمبر 2011

حروفٌ مأسورة



كيف هي البداية ؟




كلمات حارت داخلي فلا تعرف طريقها ..

تريد أن تشق قلبي أو أن تنطلق مع حركة لساني ..


ولكن شفاهي لها بالمرصاد ..

تمنعها .. تُطبق عليها 

فتَجُرّ كلماتي أذيال الهزيمة و ترجع خائبة


كم ودَّتْ شفتاي لو أن ترى تلك الكلمات النور وتخرج الى الحياة ..

كم تمنى لساني لو نطق بها .. لو نمّا فيها أجنحة الحرية
لتطير .. لترفرف و تقف على أغصان قلبه ..
تكلمه … تحاوره … تُحدّثه عن أشياء ربما 


غفل عنها .. نسيها .. أو تناساها

و كم تودّ حروفي أن تسبق كلماتي لتعزف عبارات متناسقة 

تدخل عقله .. وتكلم جوارحه .. و تصحي قلبه

ذلك القلب المقفل بمسامير الرفض ..

ذلك القلب الذي خنع و أبى الاستماع لأحاديثهم

كيف السبيل إليه؟ 

من يدري؟


ربما أنجح و تنجح كلماتي في الولوج الى فؤاده واستدراج لُبّه


ولكن كيف ؟؟؟

سؤالٌ يؤرقني و يفتح الطريق لأدمُعي 

لتسير متخبطة متهادية لا تعرف طريقاً للمسير


كيف أدع كلماتي تفلت من أسرها؟

كيف تصل بسلام الى حدود عقله؟
وتتخطى تلك الحدود لتعبر أسوار فؤاده و تستقر هنالك وتسكن؟


أهُو الخوف؟

خوف من أن تضل الحروف طريقها
أو أن تجد الأبواب أمامها قد وصدت وأحكمت أقفالها ..؟


أهُو خوف منه؟

خوف من المواجهة؟


أم خوف من رد الفعل الذي قد يعقب تلك الكلمات؟


كيف تتشكّل حروفي لتخلق كلمات لا تجرح مشاعره ولا تهدم منزلته ؟

أنا لا أعرف ما أقول
فالكلمات حائرة والحروف متقطعة مفككة
تعجز عن بناء نفسها وتكوين أسلوب صالح للمواجهة


ثمّ يأتي دور الإقناع .. كيف يقنع بكلامي؟

قلبي وعقلي في جدال مستمر ..
جدال امتلأ بالحيرة كوعاء مكشوف تحت المطر !

***

الأربعاء، 7 سبتمبر 2011

رحلةُ بحثٍ عن الذات





رحلة أخطو خطواتها وحيدة 

منعزلة وسط الزحام ..

فهنالك زحمة أُناسٍ و زحمة مشاعر ..

أفكاري متضاربة ، متذبذبة ..

نادراً ما أسعد بلحظات من السلام النفسي
حتى أجد تلك الخواطر تداهمني و تنهال على عقلي في فوضى لا مثيل لها ..

 أسمع أفكاري تستصرخني

تريد من يستمع إليها ، من يخرجها، من يُحييها

ولكن عند لحظة التحرر يولَد التردد

فيأبى عقلي ويأبى معه قلبي


ولمَ الإباء؟

فتأتي نفسي لتجيب عقلي محاولة إقناعه:
- لربما تسنح لها فرصة ترتيب افكارها وجمع ماتبقى من مختلجات نفسها

لكن عقلي لم يصدقها

فرفض الإذعان لأعذارها ..

وقرر الانطلاق ..

دون أن يلتفت وراءه.




فـ هيا بنا يا نفس نستعد لرحلة البدء من جديد

رحلةُ بحثٍ عن ضالتي .. عن ذاتي

بدأتها للتو ..

خطوت أولى خطواتها في طريق أحادي المسار ..

فسميتها ( رحلة اللا-عودة )



 فهل من رفيق؟





الاثنين، 5 سبتمبر 2011

وُريْقة من طفولتي



-1-



كم تعصف بي الذاكرة فتمطرني بذكريات و أحاديث كانت قد اختبأت في غيوم العقل !!



و كم من البديع أنني بهذا العمر أسترجع أحداثاً بتفاصيلها لزمنٍ ولّى و أصبح مأسوراً خلف أسوار القلب ، 

و كأنها حدثت ليلة الأمس!

فكأنما عقلي أراد إعادة بث فقرة الأرصاد "الذكرياتية" التي عُرضت في نشرة "الطفولة و البراءة" ذلك اليوم !! 




-2-

في يومٍ ربيعيٍّ بديع وفي ظهيرة يوم "الزوَارة" 

وبعد أن فرغ الجميع من تناول وجبة الغداء - التي كنا نجتمع حولها جلوساً على الأرض-

تسللنا من غرفة المعيشة إلى ذلك "الحوش" ،

بعدما تأكدنا من خلو الطريق من أي شخص بالغ ، 

فقد كان الجميع قد احتل زاوية من "الدار" المربعة ذات الجلسات الأرضية الزرقاء ، و قد غطّوا نياماً في قيلولة تكاد تكون عميقة،

ولثقتهم بنا وضعونا في الغرفة المجاورة بعدما تأكدوا من "نومنا" ، 

لم يدر في خلدهم أننا كنا نخطط لشيء ما أسررناه في قلوبنا و ناقشناه فيما بيننا تحت الأغطية الخفيفة التي ألقوها علينا لننام ،




-3-

حالة ترقّب و تجسس على العدو النائم للتأكد من عدم استيقاظ أحد، 

حانت لحظة الانطلاق ، 

بخفة تميزنا بها ، 

فقد كانت أطراف أقدامنا الصغيرة تساعدنا في عدم خلق أي نوع من الضجة، 

همس خفيف و حضٌّ على التقدم وعدم الالتفات للوراء، 

فلا بد لذلك المخطط من تنفيذ، 

خرجنا من الباب الخلفي لتلك الغرفة المطلة على الحوش، 

وانطلقنا كعصافير تحررت من أسرها، فردنا أجنحة الحرية و مددناها إلى السماء نعليها تارة ونهبطها تارة أخرى ، 

مقلدين رفرفة الحمام المعلق في السماء، نرفرف على بلاط ذلك الحوش الواسع الرحب الذي احتضن ألعابنا و شقاوتنا ، 

فقد كانت زواياه و جدرانه ملجأ لنا في لعبة "حيّ الميد" 

و أعمدة تلك المظلة المعدنية التي تعلو أرضه كانت لنا ممسكاً في لعبة " العواميد " ، 

أما ذلك الدولاب الأزرق الذي كان مخزناً لأدوات جدي و معدّات الحدادة والنجارة اعتبرناه أفضل مخبَأ نتستّر وراءه حين نلعب " اللبّيدة "، 

و أخيرا كانت سيارة جدتي القابعة هناك آخذة حيزاً لها من طرف الحوش، 

"تويوتا" رمادية تقف بشموخ ، 

كانت جدتي تدخلها أحياناً كثيرة لتغسلها بنفسها و تنظف مقاعدها وأرضياتها، 

فيوم غسيل السيارة هو بمثابة يوم عيد لنا ، 

فعند لحظة دخولها الحوش نركب فوقها ونتزحلق غير عابئين بالغبار المتراكم فوقها أو

الزجاج الأمامي المكسورالذي تجرّأ مرة من المرات

وجرح ركبتي اليمنى تاركاً علامة لم تنمحي حتى اليوم وقد تجاوز عمري العشرين،




-4-

لم تكن الخطة الحقيقية لذلك اليوم أن نتسلل إلى الحوش، و إنما ذلك جزء منها ، 

فالجزء الأكبر من الخطة كان أن نفتح ذلك الباب الحديدي الأسود المؤدي إلى " السكة " ، 

إنه باب ضخم له أربعة دفّات يمكن أن تُفتح جميعها وقت الحاجة ِلأن تُدخل منه السيارة، 

زُيّنت ناحيتيه بقطع ذهبية مائلة للصدأ كأنها جواهر عتيقة رُسِمَت على الباب لتهنأ برؤيتها عين الداخل إليه والخارج منه ، 




-5-

أما و عند لحظة اقترابنا من ذلك الباب بدأت قلوبنا تخفق بشدة ، 

حيث إنها لمغامرة جامحة أن نخرج إلى السكة، 

إلى ذلك المجهول الذي لم تكن أقدامنا الصغيرة تجرؤ أن تطأه إلا برفقة أحد والدينا،

ماذا لو رآنا أحد المارة في الطريق ؟ 

ماذا لو كان أحد الجيران يراقب تحركاتنا؟ 

أم ماذا لو كان أحد الأهل يتتبعنا لحظة خروجنا إلى الحوش؟؟

تلك أسئلة كانت تدور في خلد كل واحد منا ولكن لم يقوَ أحدنا على النطق بها،

ازدردنا لعابنا و تحلينا بجزء من شجاعة الكبار يمتزج بها طيش الأطفال و لهوهم،

توليتُ أنا إدارة مقبض الباب ، فلم يكن يقفل بالمفتاح إلا وقت الليل ، 

فتحته كفاية لأطل بعيني للخارج لأتأكد من خلو الطريق ، لم أر أحداً فقد تعوّد الجميع أن يقيلوا بعد الغداء، 

و عندما تيقنت من أن ليس للسكة عيون تراقب ،

فتحت الباب على مصراعيه و أمرتهم بالخروج دون أن يكونوا مصدر ضجة تفضحنا،




-6-

خرجنا و تسمّرنا أمامها ، 

ها هي تقف بكبرياء منذ أن عرفتها، 

فهي كل ما خرجنا من أجله، وقفنا تحتها صغاراً نرفع رؤوسنا ليمتد بصرنا إلى نهاياتها التي تداعب الغمام ، 



آآه كم كانت مصدر بهجتي !!

كانت طفلة صغيرة يانعة عندما حضرت لمنزل جدي لأول مرة،

لم أرَها في طفولتها فقد "وُلِدتْ" قبلي ولكن الكبار عاصروا جميع مراحل حياتها،

ومنذ اليوم الأول لتواجدها في المنزل وهي ثابتة في مكانها و عنه أبداً لا تحيد،

و كم كانت تثير عَجَبي عندما أرى ملامحها تتغيركثيراً في السنة الواحدة ، 

فمرة أراها كعروسٍ شابة ، تتزين بالألوان طوال الوقت، وخصلات شعرها الكثيف منسدلة على أكتافها الرفيعة،

و مرة أجدها استحالت إلى عجوز شمطاء تساقط "شعرها" و تجمّع تحتها ،

 فكنت أمشي بجانب تلك العجوز و أدوس بقدمي الصغيرة على أجزائها الباهتة المتساقطة،


و لكن لا تلبث الأيام تجري حتى تعود عروساً من جديد ...


  يتبع ..




بسم الله أبدأ ..



بسمـ الله الرحمنـ الرحيمـ

عالم التدوين الذي طالما تابعته بصمت ..
كم و كم أبهرني ذلك العالم وتمنيت لو كنت جزء منه ..
وكان هنالك شيء من الخوف ينتباني حين التفكير بأمر نشر كتاباتي أمام الملأ ..
فأنا أعتبرها خطوة للأمام تتسم بالجرأة ..

ولكنني

اتخذت قراري
وأتمنى من المولى عز وجل أن يوفقني فيه ويرزقني الإخلاص

فـ ها أنا أطل عليكم بسدرتي ..
لنُزهر معاً و نأتي لكم بأطيب الثمر .. 



فـ بسم الله أبدأ ...